منذ زمن طويل ويجتهد الأطباء والعلماء والمتخصصين في مجال الإدمان والباحثين عن علاج له في تشخيص مشاكل الإدمان والعمل على إيجاد حلول لها وعلاج المشاكل الرئيسية التي أدت إلى الإدمان، ولكن الغريب انه قد تم التعامل مع الإدمان وظروف الصحة العقلية المختلفة والمتعددة كمجالات منفصلة تماما، أى أنه لم يفضل أطباء علاج الإدمان ما يسمى بالتشخيص المزدوج أي (التشخيص المزدوج = المرض العقلي + الإدمان) وتذكر أنه كثيرا ما رفض مرضى الإدمان أيضا الربط بين الإدمان والصحة العقلية وفي بعض الأحيان رأوا أن الربط بين هذه الخيوط يعد بمثابة إهانة لهم، ونتيجة لذلك، فإن الكثير من الأفراد لم يحصلوا أبدا على المساعدة التي أرادوها، وفي إطار ذلك قررنا أن نناقش معكم هذا المقال حول العلاقة بين الإدمان والصحة العقلية وما هي الأعراض التي تربط بين مشاكل الإدمان والصحة العقلية والنفسية للشخص المدمن، ونتناول في نهاية المقال كيف يمكن للإنسان معرفة وتشخيص هذه الحالة بالاستعانة بالشخص المختص أو الإستشاري الخاص بعلاج الإدمان.
التشخيص المزدوج لمشاكل الإدمان والصحة العقلية في العصر الحالي:
أما في العصر الحالي فعندما يحصل الأفراد على تشخيص مزدوج يربط بين وجود مرض عقلي وإدمان لمادة محددة من المواد المخدرة، أثبتت الدراسات أن هذه الخطوة تمكن المريض من الحصول على الرعاية المناسبة التي يحتاج إليها بالإضافة إلى ان التشخيص المزدوج لحالته قد يكون الخيط الأول والأصح لبداية رحلة العلاج بشكل صحيح.
عادة ما يتم تدريب مراكز إعادة التأهيل على علاج أمراض الصحة العقلية، على تقبل ما يسمى بالتشخيص المزدوج ومحاولة تشخيص حالة المريض بالشكل الصحيح عقب الربط بين إدمان المخدرات والصحة العقلية للمريض.
العلاج المتكامل للتشخيص المزدوج:
وبعد عرضنا لمعنى التشخيص المزدوج، إذا فما هو العلاج المتكامل لهذا التشخيص؟. نذكر اولاً أنه يؤدي العلاج المتكامل إلى توفير الوقت والجهد، كما أنه ايضا بالطبع قد يقلل تكاليف العلاج للأفراد أو المرضى لأنهم يعالجون كلا الاضطرابين (الإدمان والمرض العقلي) في نفس الوقت.
ذلك بالطبع بعد أن ثبت أنه من الممكن للأفراد الذين وقعوا في فخ الإدمان للمخدرات أو الكحول أن يصابوا بأمراض الصحة العقلية المشتركة بسبب تعاطي المخدرات لفترة طويلة، ولذلك فإن العلاج المتكامل لكل من الإدمان والصحة النفسية والعقلية هو الأكثر فعالية لأولئك الذين أثبت أنهم ينطبق عليهم التشخيص المزدوج.
أما إذا تم التعامل مع مريض التشخيص المزدوج بأنه مريض عادي فاحتمال الانتكاس هو احتمال كبير جدا، وأيضا فإن علاج مرض عقلي دون معالجة إدمان المخدرات هو أمر غير مجدي أو غير فعال الى حد كبير.لذلك يجب على الأطباء الإنتباه قبل التشخيص وتحديد ما إذا كان المريض يعاني من مشاكل عقلية أو نفسية بالإضافة إلى تعاطيه المخدرات أم لا.
يتساءل البعض الآن كيف ترتبط اضطرابات الصحة العقلية والإدمان؟. والإجابة على ذلك التساؤل الهام كما قال الخبراء هى أنه هناك العديد من القضايا التي تؤدي إلى حدوث تداخل بين الصحة النفسية واضطرابات تناول المخدرات، على سبيل المثال، نذكر أنه يمكن للأفراد الذين يتعاطون المواد المخدرة بأنواعها في سن مبكرة من حياتهم أن يحدث ذلك تلف أدمغتهم وعقولهم التي لا تزال تتطور في هذا السن الصغير، وذلك بالطبع يؤدي الى حالة صحية نفسية عقلية غير محمودة قد تحدث لهم عاجلاً أم آجلاً آي في وقت لاحق من الحياة.
علاوة على ذلك، فإن العوامل البيئية مثل ارتفاع ضغوط الحياة و القلق والتجارب الصادمة قد تؤدي بالفعل الى حدوث اضطرابات نفسية وعقلية في بعض الأحيان وتؤدي بالتالي الى تناول المواد المخدرة والكحوليات.
التشخيص المزدوج والأمراض الرئيسية التي تتزامن مع الإدمان:
- الإكتئاب أو اضطرابات القلق: هناك الكثير من الأفراد المدمنين الذين يعانون من الاكتئاب، وعلى العكس فإن الكثير ممن يعانون من الإكتئاب قد يتعاطون المواد المخدرة أو الكحول في محاولة للتغيب عن العالم والتغلب على مشاكل الاكتئاب والقلق الدائم.
2.هناك في عالم الطب ما يسمى باضطراب ثنائي القطب: وقد أثبتت الإحصائيات أن ما يقرب من 50 في المئة من الأفراد الذين يتعاطون المخدرات أو الكحوليات يتعاطونها لأجل الهروب من الواقع.
- إضطراب فرط الحركة ،هناك الكثير من الأفراد الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه حول العالم وأكثرهم في سن مبكرة، وهناك الكثير من الناس من يعالج هذه المشكلة بتناول الكحول والمخدرات، وكثيرا ما يصفها الأطباء ايضا في هذه الحالات، وهذه المواد تؤدي بالطبع الى وقوع المريض في الإدمان بعد ذلك.
- هناك العديد من الأشخاص أيضا الذين يعانون من اضطرابات الأكل ويؤدي ذلك الى دخولهم في معركة مع شعورهم ب انعدام الأمن والشعور بالنقص بشكل دائم، وهذه الحالة من الممكن ان تؤدي ايضا الى لجوء الإنسان إلى تعاطي الكحول أو المخدرات.
- هناك ايضا ما يسمى بـ اضطراب ما بعد الصدمة: وهذا العارض يعاني منه الكثير من الناس، حيث يولد العقل في هذه الحالة القليل من مادة الإندورفين، وذلك يشعرهم بالحزن الشديد والمضاعف وذلك يعني أنهم من المرجح جدا أن يلجأوا الى تناول الكحوليات أو المواد المخدرة في سبيل الحصول على السعادة مع الكحول والمخدرات.
أعراض التشخيص المزدوج:
هناك بعض العلامات التي يمكن أن تدل الطبيب الى امكانية وجود التشخيص المزدوج، ويذكر أن هذه الأعراض ستتغير بناء على المرض النفسي وخطورة الإدمان الكيميائي أو النباتي على الفرد ، وتختلف من شخص لأخر حسب الفروق الفردية بين الأشخاص. مع ذلك، فإن هناك بعض الأعراض النموذجية التي يمكن اختصارها فيما يلي:
- لجوء المدمن إلى التفكير في الأفكار أو السلوكيات التي تضر بالذات وعمل إجراءات متهورة وخطيرة
- ظهور المدمن بمظهر غير لائق أي سوء النظافة الشخصية
- أن ينفصل المريض عن الأنشطة الاجتماعية التي كان يمارسها في السابق
- علامات التفكير الخاطئ أو الفكر المتضائل أو أن يتوجه المريض الى التفكير في الأفكار الهدامة .
- وبالطبع فإن الطريقة الحقيقية الوحيدة لمعرفة الأعراض التي تصيب المريض هي استشارة أخصائي أو طبيب وعالم في هذا الأمر.
وأخيراً وليس أخرا ماذا يمكنك أن تفعل بهذا الشأن؟
يجب عليك عزيزي أن تهتم بالعثور على مركز إعادة التأهيل التي يمكن أن توفر العلاج لشتى الأمراض التي يتعرض لها المدمن اياً كانت أمراض صحية أو عقلية أو نفسية. حيث يجب عليك القيام بتحديد مركز آمن منظم يوفر الرعاية الفردية الطبية الحقيقية للفرد. ويجب أن تتأكد بنفسك أن هذا المركز يقدم العلاج بشكل صحيح عقب التأكد من الأعراض التي تصاحب المرض ويجب عليك أيضا التأكد من كفاءة الأطباء في هذا المركز العلاجي ومدى دقتها في تشخيص الحالة المرضية.