إن الإدمان بأنواعه سواء كان ذلك إدمان المخدرات، إدمان القمار أو حتى الإدمان على الجهاز المحمول الخاص بك، من الممكن أن يتلخص في أنه عدم وجود اتصال بشري، كما يقول الخبراء، وذلك لأن البشر بوجه عام لديهم حاجة طبيعية وفطرية لوجود أشخاص آخرون معهم والتواجد داخل جماعات، وفي ذلك الوقت نكون سعداء، والعكس صحيح حيث أننا نكون تعساء إذا عشنا حياتنا في وحدة ، لذلك فإن الربط والتواصل مع بعضنا البعض هو مصدر سعادتنا. ولكن هناك الكثير من الحالات التى لا يستطيع فيها الإنسان التواجد ضمن جماعات لرغبة شخصية منه بسبب تعرضه لصدمة أو غير ذلك، ومن الممكن أن تكون الوحدة مفروضة علينا وليست خيار نختاره بأنفسنا.
أياً كانت الأشياء أو الظروف التى أدت إلى أن تعيش وحيداً، فإن الوحدة سوف تؤدي إلى الكثير من المخاطر ومن أشد هذه المخاطر هي أن يبحث الشخص عن أى شيء أخر يرتبط به قد يكون القمار، قد تكون هذه المواد الإباحية، وقد تكون إدمان الكوكايين، أو أى مادة من المواد المخدرة الأخرى، وفي إطار ذلك نستعرض في هذا المقال العلاقة بين الإدمان والوحدة فتابعونا خلال السطور القادمة.
العلاقة بين الوحدة والإدمان:
يؤكد المتخصصون أن الوحدة وإدمان المخدرات مثل الدجاج والبيض أي أنهما شيئان متلازمان ولا يفترقان، حيث أن العزلة أو الوحدة من أخطر الأشياء أو الحالات التى من الممكن أن يواجهها الإنسان، وكما نعلم جميعا فإن الظروف الصعبة هي أهم شيء من الممكن أن يوقع الإنسان في فخ الإدمان، ونقصد بالضمان هنا الإدمان على ألا شيء وليس المخدرات فقط، و نقتصر هنا العلاج من الادمان على المواد المخدرة بأنواعها.
يجب أن تعلم إن معالجة مشكلة الإدمان أعراض سلوكية و مرضية فقط لا تفعل شيئا لوقف الإدمان أو للقضاء عليه بشكل نهائي، بل إن معالجة الإدمان يجب أن تبنى على الكثير من المعرفة بحالة الفرد التي يعيش فيها ويعيشها.
لا يعني ذلك انه إذا كنت وحيدا فمن الضروري ان تقع في فخ الإدمان أو أن تكن مريضاً بأي مرض من الأمراض، وليس بالضروري ايضا ان تكون منبوذاً من المجتمع أو أن تكون معيباً، ولكن هناك ظروف مجتمعية أخرى تكون فيها الوحدة أفضل بكثير من الإختلاط بقطع من الناس ومخالطتهم والتعايش معهم.
على صعيد أخر من الممكن أن تكون الوحدة والعزلة الاجتماعية هي المسؤولة عن عدد لا يحصى من المشاكل الصحية العقلية والعاطفية للفرد الوحيد، ويجب أن نؤكد أيضا أن تعاطي المخدرات مع مرور الوقت أو لفترة طويلة من الوقت يزيد من تفاقم مشكلة التباعد الاجتماعي أو الوحدة.
هل يمكنك التغلب على الإدمان وحدك؟
الإجابة على هذا السؤال المذكور من قبل صعبة الى حد كبير، حيث تختلف الاجابة من شخص الى أخر، فمن الممكن ان تكون العزيمة القوية والإرادة أقوى من الشعور بالوحدة لدى بعض الأشخاص، ومن الممكن أن تكون الوحدة هي المسيطرة على عقول وقلوب بعض الناس ولا يستطيعون التغلب عليها وبذلك يقعون في فخ الإدمان ولا يستطيعون الخروج من هذا الفخ بمفردهم، ومن الجدير بالذكر ان العلاج من الادمان يحتاج الى وجود العديد من الأشخاص بجانب المدمن، حيث ان لهم دور هام في مساعدة المدمن والتخلص من الإدمان بشكل نهائي، حيث أن هناك مرحلة من مراحل العلاج من الإدمان تحتاج الى تدخل الاهل والاحباب وهى مرحلة التأهيل الاجتماعي او التأهيل النفسي للمريض، وفي هذه المرحلة يحتاج الشخص المدمن الى دعم نفسي واجتماعي من الاقارب والاحباب والاصدقاء حتى لا يعود الى الانتكاس مرة اخرى وتعاطي المواد المخدرة.
لذلك فمن الضروري أن تكون هناك جلسات تجمع المدمنيين وتقرب بينهم حتى تجعل منهم عائلة واحدة، ويستطيع كل فرد فيها ان يساعد الفرد الآخر على عدم العودة الى تناول المواد المخدرة مرة اخرى.
ما خطر العيش في وحدة:
ترتبط الوحدة بالعديد من الأمراض منها ارتفاع ضغط الدم والعديد من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق الدائم والمزمن ومن الممكن ايضا ان تؤدي الحالة الاجتماعية والنفسية السيئة للمدمن الى الوفاة المبكرة، بالإضافة إلى ذلك، يرتبط الشعور بالوحدة او العيش في وحدة حقيقية أو واقعية أيضا بزيادة بنسبة 30٪ من تعرضك لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو السكتة القلبية أو مرض الشريان التاجي الذي انتشر بشكل كبير و مخيف في السنوات القليلة الاخيرة، وهما سببان رئيسيان للوفاة والمرض في الكثير من المجتمعات، وعلى حسب النتائج التي قارنت آثار الشعور بالوحدة مع عوامل الخطر المعترف بها والتى قد يتعرض لها الإنسان، مثل القلق والاجهاد و الاكتئاب، أكد بعض الباحثون في هذا المجال إن النتائج التي توصلوا إليها من خلال هذا البحث أكدت على أهمية الاتصالات والتواصلات الاجتماعية للصحة العامة للانسان.
يرجع البعض الاصابة بهذه الامراض الى ان طبيعة الإنسان هي الثرثرة، والحاجة الدائمة إلى من يفتح الحديث معه ويشاركه افراحه واحزانه، ويؤكدون ايضا ان الوحدة تمنع الانسان الشعور بالامان وتجعله دائم الشعور بالقلق وتجعله يشعر بعدم الامان والاستقرار لانه يعرف جيدا أنه إذا مرض لم يجد من يغيثه أو يشعر بالحزن لأجله.
يرى الأطباء النفسيون أن المشاعر الإيجابية مثل الحب، والتواصل مع الآخرين، الرحمة والفرح والامتنان هى ما يحتاج اليه الانسان ليشعر بالامان والاستقرار ويبتعد عن الادمان والأسباب التى تؤدي الى الوقوع في هذا الفخ.
فمن حق كل إنسان أن يتوفر له جو من الحب والتواصل الصادق مع الاصحاب والجيران وكل من حوله.
يجب ان تعلم جيدا انه حتى الابتسامة التي تبادلها مع أمين الصندوق في السوبر ماركت هى من الأشياء المؤثرة والتى تسبب لك السعادة والشعور بالأمان والاستقرار النفسي والهدوء الداخلي، حيث يمكنك ان تتذوق حلاوة تلك اللحظات القصيرة، ومن الممكن أن يكون ذلك هو الدافع الحقيقي لك لمواجهة المصاعب والتغلب على الكثير من الأمور السلبية والسيئة.
كيف يمكنك التغلب على الوحدة؟
أكدت الدراسات ايضا انه يمكن لك ان تصنع سعادتك بنفسك وبطريقة مماثلة، وذلك عبر فعل احد الاشياء التى تحبها وعدم تكرارها بشكل يومي اى انك من الممكن ان تغيير سلوكك او روتين عملك اليومي حتى تصبح اكثر سعادة، مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لبناء العضلات والحصول على اللياقة البدنية المطلوبة، ويمكنك ايضا ان تخرج الى الشارع وتقوم بمساعدة الآخرين على فعل الأشياء التي يحبونها ويمكنك ايضا ان تسعد الاخرين عبر ابتسامتك الجذابة التى توزعها عليهم عندما تلتقي عينيك بأعينهم، ويمكنك ايضا ان تزور احد اقاربك القدامى وتتحدث معهم عن طفولتك واجمل الاشياء التى قمتم بها معا، لان هذه الذكريات الجميلة قد تكون سببا هاما في اسعادك ويجعلك تشعر بالسعادة وتقضى على شعور الوحدة الذي ينتابك وأنت محبوس بين حوائط منزلك الضيقة.