يجب أولاً أن تعرف أهمية بناء الثقة بينك وبين من يقومون بمساعدتك، فالثقة هى أساس أي عمل ناجح تقوم به، ويجب عليك عدم تجاهلها ابداً، عندما يتم تأسيس الثقة بين الطبيب والمريض تكون العلاقة أقوى وتكون النتيجة مضمونة إلى حد كبير، حيث ان معظم الناس تميل إلى الحرص الشديد والخوف من الأخرين، والكثير منا ايضا يعمل على مقاومة المشورة المقدمة له، هذا إذا لم يثق بمن حوله ثقة حقيقية متكاملة . وقد يكون أولئك الذين يعانون من مشاكل الإدمان أشد حرصاً وأشد هيبة للآخرين إذا فهم في أشد الحاجة إلى أن يقوم الطبيب بطمئنة ومحاولة بث الثقة بينه وبينهم.
من الهام جدا أن يتفهم الطبيب تجربة المريض والتصورات التي تدور بباله، وأنظمة الدعم التي يفضلها وما يكره وما يحب وما يفضل أيضاً، واستنادا إلى هذا، أقدم لكم عدة استراتيجيات لبناء علاقة طيبة مع المريض المدمن الذي يعاني من مشاكل الإدمان
بناء العلاقة الطيبة مع المريض المدمن
تبدأ بناء العلاقة الطيبة مع المريض الذي يعانى من مشاكل الإدمان بمحاولة بث مشاعر صادقة مع المريض وبث هذه المشاعر له من خلال المعاملة الطيبة له وتبادل الحديث والمناقشة، ويجب ايضا ان يتعامل الطبيب مع المريض بمبدأ الایجابیة غير المشروطة ابدا، و يجب ايضا ان يكون التعاطف هو المسيطر على الموقف بشكل أساسي. ويجب أن يعمل الطبيب على محاولة قبول المريض المتعاطي للمخدرات كما هو ولكن بالطبع يرفض السلوك الذي يسلكه.
ويقول أحد علماء الغرب “الشعور بالتعاطف ينبع من الاعتراف بأن شخصا آخر يعاني، وهناك نوعا من التعاطف، الذي يجعل الإنسان يشعر بالألم والمعاناة التي يشعر بها شخص آخر”
خطوات بناء علاقة ناجحة مع المريض المدمن
- أولاً على الطبيب أن يقوم ب إجراء تقييم شامل لفهم جميع جوانب المشكلة التي يعاني منها المريض بوضوح.
- يجب أن يفهم الطبيب المريض الماثل أمامه من حركات عينه ورمشة عينك أيضا، وذلك عقب التعامل معه بشكل مباشر، والحديث معه مع النظر الى عينيه لفترات طويلة.
أسلوب المطابقة لبناء علاقة ثقة مع المريض المدمن للمخدرات
اثبت الخبراء والمتخصصون أن المطابقة هي أيضا أداة فعالة في بناء علاقة وطيدة مع المدمن. وهناك خمس طرق لفعل ذلك وهي ما يلي:
- أولا، الإجراءات البدنية، اى ان الطبيب يجب ان يتابع الحركات البدنية التي يقوم بها المريض المدمن في كل حالة من حالاته حتى يستطيع مطابقتها مع سلوك الإنسان العادي، ويجب على الطبيب أن يفعل مثلما يفعل المريض ويطابق افعاله حتى لا يؤذي مشاعره.
- المطابقة مطلوبة أيضا في اللهجة ، حيث ينصح الطبيب أن يتابع لهجة المريض وإذا كان العميل يتحدث بهدوء وبسرعة. يجب على الطبيب التحدث بهدوء وبسرعة وهكذا…
- يجب ان يشعر الطبيب المريض بأنه ذو مصلحة مشتركة معه.
- يجب أن تتوفر لدى الطبيب النية الإيجابية، ففى الحقيقة فإن تطبيق هذا المبدأ يمكن أن يحدث تغييرا قويا في تفكير المدمن في رحلة علاجه وإعادة تأهيل المدمن للتغلب على الإدمان، وتجعل النية الايجابية المريض يشعر بالثقة والحب المتبادل ويبدأ في التفكير هو أيضاً بشكل إيجابي.
نموذج حالة افتراضية لرجل مدمن على الأعشاب الضارة
ديميتري هو رجل يبلغ من العمر 27 عاما الذي حدد موعدا معي لأن زوجته هددت بأخذ الأطفال وتركه وحده ما لم يفعل شيئا للتعافي من الإدمان. كانت قلقة جدا، لأنه فقد وظيفته مؤخرا بسبب الإدمان، ولأن والدها، الذي كان مدخنا بشكل شديد، توفي بسبب سرطان الرئة ديمتري يتألم يومياً بسبب ذلك، يقول إنه لا يستطيع أن يحصل على اى شيء يريده، وقد وقع في فخ الاكتئاب واصبحت حياته محبطة دون مساعدة أي أحد له، وذكر ديمتري أنه شاهد أصدقائه المدمنين، ورأى انه يشعر باسترخاء وراحة عقب تناوله الأعشاب المخدرة هذه.
عندما تقدم إلى المثول للعلاج من الأعشاب المخدرة، كان على الطبيب المعالج له أن يبنى علاقة طيبة معه ويشعره بالأمان حتى يكمل العلاج معه، لاحظ المريض أنه كان صوته ليناً وتحدث ببطء.
تقدم الطبيب وطلب منه أن يلعب معه الغولف. بنى الطبيب معه علاقة طيبة أنشئت من خلال الجلوس على كرسي بلدي والميل إلى الأمام. والنقاش المتواصل بين المريض والطبيب حتى أصبح المريض ذو ثقة وطيدة بالطبيب.
النتيجة التى وصل اليها ديمتري:
رجوع زوجته وأطفاله، واكد انه يعرف انه وصل الى هدفه وان حياته الاسرية اصبحت اجمل.
من هنا يجب أن نؤكد في النهاية أن بناء العلاقة الطيبة التى تعتمد على الثقة والحب والتعاون مع المريض، يدل على إحترافية الطبيب المعالج وقدرته الفائقة على التعامل مع الناس وخاصة المرضى المدمنين. ومن الجدير بالذكر ايضا ان الثقة مطلوبة لإتمام العلاج من أي مرض أخر فضلاً عن الإدمان، حيث انه كما ذكرنا فإن الثقة هي أساس العلاج الناجح وإتمام العلاج بشكل متكامل.
فوائد بناء الثقة بين الطبيب والمريض المدمن ويتولد عن الثقة التي تبنى بين الطبيب والمريض عدد من الفوائد منها ما يلي:
بعد التأكد من بناء علاقة الثقة بين الطبيب والمريض في رحلة علاج الإدمان ، يصبح العلاج سهلا الى حد كبير، حيث يكون على المريض أن يسمع كلام الطبيب ويتبع نصائحه بكل ثقة وحب واطمئنان.
تؤدي هذه الثقة إلى جعل المريض يشعر بالأمان والإستقرار اثناء مروره بخطوات العلاج من الإدمان، وهذه من أهم الأشياء المطلوبة في هذه المرحلة.
يمكن ان نقول أيضا أن الثقة التي تبنى بين المريض والطبيب هي أساس النجاح وهي الدافع الأساسي الذي يجعل المريض المدمن للمواد المخدرة يقبل على مواصلة مراحل العلاج من الإدمان وهى ايضا تحفزه على التغلب على المتاعب التي يتعرض لها أثناء السير في رحلة العلاج من الإدمان.
يؤكد الخبراء أن الثقة المبنية بين المدمن والطبيب هى التى تجبر المريض على التفكير ألف مرة قبل العودة إلى الإنتكاس أو الإدمان مرة أخرى.
أخيراً وليس أخراً، يجب أن تعلم عزيزي القاريء أن الإدمان ليس جريمة ولكنه مرض كباقي الأمراض يجب أن يتعامل كلاً منا مع مريض الإدمان على أنه مريض عادي، ويجب أن لا نشعره بأنه أرتكب جريمة بل يجب علينا جميعا ان لا تحاكمه على ما ارتكب بل نشجعه على التخلص من الإدمان وجعله يشعر بالثقة والأمان بشكل دائم حتى يستطيع ان يتغلب على ذاته ويعود فرداً ناجحا من جديد.