قبل التحدث عن علاج الإدمان وطرقه المختلفة يجب ان نعرف أصل المشكلة وهي المخدراتربما تكون تلك المرة الأولي التي تعرف فيها عزيزي القاري أن المخدرات منتشرة منذ قديم الزمان.
وربما سوف تتعجب عندما تعلم أن المخدرات قد تم استخدامها منذ عهد الفراعنة، فالخشخاش والأفيون يوجد على النقوش الفرعونية التي توجد في مقابرهم.وامتد الأمر إلي أن المصريين الفراعنة استخدموا الأفيون في عمل بعض الوصفات الطيبة التي كان يحتاجها الأطفال، حيث كانوا يطلقون عليه اسم نبات شبن shapen.
وقد تم ذكره أكثر من 22 مرة في أوراق البردي، وذلك من خلال البرديات التي تم العثور عليها.فمن المفروض أن القدماء المصريين قد تعرفوا عليه منذ اكثر من 1500 عام.غير أن هناك إتجاه ضعيف نسبيا ينفى هذا الكلام.وبالتالي فان المخدرات ليست وليدة قرن أو عدة سنوات، وإنما هي عبارة عن نتاج مجموعة من الحضارات القديمة.
أما بالنسبة إلي الكحوليات فان الصين تعتبر من أقدم الدول على مستوى العالم التي عرفت التخمير الطبيعي.حيث كانت تقوم بصناعة الخمور بين كلا من الشعير والقمح وغيرها من الأغذية.ولم تعرف خمر النبيذ إلا عام 200 قبل الميلاد، وذلك بعد الاتصالات التي جرت بين كلا من الإمبراطوريتين الصينية واليونانية.
ومن المعروف أن المخدرات قد تمت إساءة استخدامها لعدد كبير من مئات السنين في القرون الماضية، وعلى جميع أنحاء العالم.ولذلك نجد أن هناك أعداد كبيرة من هؤلاء الشباب الذين قامت المخدرات بالتأثير الكبير عليهم وبالتالي المخدرات قدد ضرتهم الضرر الشديد.مما أدى إلي إدمان كبير من جانبهم وبالتالي تعرضهم إلي مجموعة كبيرة من الآثار الجانبية ، وظهر ذلك واضحا من خلال صحتهم البدنية والعقلية.أما من حيث إعادة التأهيل ووجود علاج لتلك المخدرات فقد بدا منذ مئات السنين.
بعض طرق علاج الإدمان التي كانت تستخدم في العصور القديمة لمرضى المخدرات وبعض الأمراض النفسية:
علاج الإدمان بالصدمة:
في القرن الثامن عشر، كانوا العلماء على يقين أن تعرض الإنسان إلي صدمة كهربائية، قادر على شفاء الشخص من الأمراض بوجه عام.
حيث كان يقومون بتعرض الشخص الى صدمة كهربائية بسيطة، حتى يمكنها أن تحدث الفرق الكبير في جسم الإنسان وبالتالي شفائه من الأمراض،وبعض المواد التي كانت يتعاطاها مسببة له الإدمان عليها.
كما كانوا يستخدمون ذلك العلاج كأحد الأسباب التي تصلح في معالجة العجز الجنسي لدى الرجال.
الجراحة الصدغية للمخ:
من بين الطرق البدائية التي تم استخدامها في علاج بعض الأمراض النفسية، وهؤلاء الذين أدمنوا بعض المواد المخدرة تلك الجراحة التي تقوم على ثقب الجمجمة ، وإزالة جزء من الدماغ.
نعم تلك كانت أحد الجراحات التي يتم تداولها واستخدامها بكثرة في منتصف القرن العشرين حيث كانوا يقيمون بعمل ثقب في الجمجمة ثم يقيمون بإدخال بعض الآلات لاستئصال جزء من الدماغ وأسفرت تلك العمليات عن بعض النتائج المخيبة للآمال، فضلا عن بعض النتائج المحدودة جدا للمرضى ووصل الأمر في بعض الحالات إلي إصابة الشخص بالشلل، وعدم القدرة عن استخدام الحواس بطريقة جيدة.
طرق علاج الإدمان في العصر الحديث:
يعتبر بنيامين راش أحد الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بفضله تم البحث والتوصل إلى أنواع متعددة لعلاجات الإدمان بمختلف أنواعها حيث كان أول من يعتقد أن إدمان الكحول ليست مسالة شخصية في المقام الأول.
وإنما ترجع ألى قدرة الكحول نفسه في التأثير على الأشخاص ومن ثم المداومة على تناوله، حتى يتم إصابتهم بالإدمان تماما وربما في ذلك الوقت فانه واجه العديد من النظريات التي كانت تظن أن مشكة تناول الكحوليات هي مشكلة أخلاقية من العيار الأول وبالتالي فإن هذا العالم يعتبر أحد أهم العلماء الأمريكيين الذي استطاع أن ينظر إلي الإدمان بأنه مرض يمكن علاجه، مثله مثل سائر باقي الأمراض الأخرى.
وفى عام 1864 ت تأسيس أول مستشفى تعمل في معالجة إدمان الكحول فقط، وتم تأسيسها في ولاية نيويورك، وقتها أصبحت العديد من الدول تنظر إلي الإدمان على الكحوليات والمخدرات أحد المشكلات التي ينبغي النظر إليها بمقدار اكثر جدية وقد عانت القارة الأمريكية من تعاطى المواد المخدرة، وخاصة المورفين والكوكايين والهيروين.
وذلك في منتصف القرن العشرين الا أنه في عام 1960 ظهرت العديد من المواد الجديدة كالامفاتيتات والماريجوانا، وحبوب الهلوسة حتى أصبحت اكثر انتشارا من المواد المخدرة التقليدية، مما استلزم تدخل العديد من الحكومات حتى يمكن محاربة تلك المواد المخدرة الجديدة والوصول إلي رحلة علاج مناسبة.
طرق علاج الإدمان في العصر الحديث من خلال 4 أنواع:
العلاج داخل مصحة نفسية:
في بعض الحالات الشديدة والضرورية، يكون اللجوء إلى أحد المصحات النفسية المتخصصة والإقامة بداخلها أحد افضل الإجراءات التي يمكن أن يتم اللجوء إليها.ويمكن أن يطبق ذلك على الأشخاص الذين يتناولون بعض العقاقير الشديدة مثل الهيروين، والكوكايين.
فتناول هذه العقاقير يسبب اعتياد الجسم عليها، وبالتالي فان جسم المدمن لا يستطيع أن يقوم بأداء المهام العادية التي اعتاد القيام بها.وبالتالي فان دخول المدمن إلي هذه المستشفى أو المصحة سوف يمكنه من متابعة التقدم الذي يحرزه المدمن.
ويمكنه من إعطاء العلاج الدوائي اللازم، وبالتالي يساعده تدريجيا في التخلص من أعراض الانسحاب للمخدر.ونود ان نوضح أن نزع السموم يمكن أن يتم بطريقتين الأولى هو أن يتم سحب السموم بطريقة سريعة والتوقف عن التعاطي فجأة.
والطريقة الثانية يمكن أن تكون من خلال نزع السموم بشكل تدريجي وعلى فترات حتى يمكن تقليل المخاطر، والتخفيف من أعراض الانسحاب التي تظهر على المريض.
علاج الإدمان الخارجي ” العيادات الخارجية”:
كما سبق أن ذكرنا أنه ربما تكون الإقامة في بعض المراكز المتخصصة لعلاج الإدمان هي أحد أفضل الحلول التي يمكن تقديمها إلي المدمن، ولكنها في ذات الوقت ليس هو الحل الوحيد وذلك لان العلاج داخل المصحة النفسية يتوقف على نوع العقار الذي يتعاطاها المدمن.
كما انه ليست جميع الحالات تتطلب أن يكون الشخص على درجة كبيرة من المراقبة أو أن يكون هناك دعم مهني متواصل طوال فترة تلقى العلاج ولذلك فأنها في بعض الحالات يكون العلاج الخارجي للمدمن هو أحد أفضل الحلول والإجراءات التي من خلالها ينبغي أن يتم التعامل معها لمساعدة المدمن.
حتى يمكن الوقوف مرة أخرى على قدميه والاعتماد على نفسه وتمكنه من هزيمة الإدمان بقوه وإصرار.
لذلك فان العلاج الخارجي يستطيع أن يقدم نفس المميزات التي يقدمها البرنامج الداخلي والذي يكون داخل المصحة ولكنه في الوقت نفسه فان المدمن يستطيع أن يتواجد داخل البيئة التي يعيش فيها، وأن يمارس كافة أعماله وحياته بشكل طبيعي.
ولكن الفرق الوحيد بين العلاج داخل المصحة النفسية وبين العلاج الخارجي.هو أن يظل المدمن بعيدا عن العقاقير والمخدرات التي يتعاطاها، حتى يستطيع الوصول إلي مرحلة الشفاء والانتهاء منها تماما كما ان العلاج الخارجي يعتمد على نوع العقار المخدر فضلا عن أنه يقوم بإعطاء مزيدا من جلسات الإرشاد وبعض من أنواع العلاج الفردي ومجموعات الدعم ومجموعات المراقبة.
وتقوم الفكرة الأساسية للعلاج الخارجي هو أن المدمن يستطيع أن يعالج دون أن يتم احتجازه داخل إحدى الأماكن في المستشفيات أو المصحات، ودون أن يتم عزله لفترات طويلة عن ذاته وعن أسرته.
كم أن تنظيم الجلسات العلاجية يتم وفقا لجدول زمني أو من خلال بعض الجلسات التي ينبغي على المتعاطي القيام بها في المستشفى. حتى يمكن أن يأخذها وغالبا ما تكون خلال الفترات المسائية لتلك المصحات.
وينبغي أن نشير هنا إلي أن الهدف الأساسي للعلاج الخارجي هو أن يتم مساعدة المدمن على التعرف على أسباب التعاطي وأسباب الإدمان، والظروف التي دفعته إلي السير في تلك الاتجاه الخاطئ ولكن في حالة إذا ما كان المريض لديه مجموعة كبيرة من الأصدقاء أو الأصحاب الذين يقومون بتعاطي المخدرات والعقاقير.
فلابد في تلك الحال أن يتم احتجازه في إحدى المصحات أو المراكز العلاجية التأهيلية. حتى يمكن أن يكون للعلاج دور أكثر أهميه أكثر نجاحا بالنسبة للمؤمن.
العلاج المعرفي السلوكي:
أحدث أساليب علاج الإدمان المتبعة في العصور الحديثة والتي من خلالها يمكن التعرف على الأسباب التي دفعت المدمن إلى التعاطي منذ البداية كما يتم إعطاء المريض مجموعة من السلوكيات التي تعزز من قدرته على التوقف عن الإدمان .
وبالتالي يستطيع أن يقوم بتغيير الممارسات والفعال السلوكية التي كان يمارسها قديما في تناول وتعاطي المواد المخدرة وتغييرها إلي أفعال أفضل.وفي العصر الحديث فان العلاج المعرفي السلوكي قد أثبت فعالية كبيرة في علاج الإدمان وذلك لأنه يقوم بالتركيز على معتقدات الفرد وافكارهم أو بمعنى أصح على الجانب المعرفي.
ويقوم العلاج المعرفي السلوكي بالتركيز على كيفية أن هذه الأفكار تؤثر على سلوك الشخص والدخول إلي الأسباب الجذرية وتحليل الأحداث الماضية تحليلا كبيرا حتى يمكن من تغيير الأفكار وبالتالي من الممكن أن يتم تغيير السلوك الناتج والذي دفعه إلى الإدمان وينبغي أن نشير إلي أن العلاج المعرفي السلوكي يتم تنفيذه في الغالب بشكل فردي مع الشخص.
ومن الممكن أن يتم تنفيذه للشخص سواء كان البرنامج المتبع هو العلاج الداخلي داخل المصحات النفسية أو خارجي ويقوم الطبيب النفسي أو الممارس بمساعدة المريض على تسليط الضوء وتوجيهه على الأفكار والسلوكيات الأساسية التي ساعدت المدمن على التعاطي كما يتم من خلاله التعرف على بعض السلوكيات البديلة والصحية والتي بإمكانها أن تساعد المدمن أن يبتعد عن المخدرات خلال رحلة علاجه من الإدمان.
وكما سبق أن أوضحنا أن العلاج المعرفي السلوكي يعتبر قوي جدا وفي بعض الأحيان يمكن اعتباره علاج سحري للإدمان، ولكن ينبغي الإشارة أنه دون أن يكون لدي المريض دافع قوي ودون أن تتوافر الإرادة الكافية في الحفاظ على تلك السلوكيات التي تم تعلمها في العلاج المعرفي السلوكي، فان الأمر يصبح في وجه الريح لذلك ينبغي أن يستمر العلاج المعرفي السلوكي بعد الانتهاء من مرحلة الشفاء والتعافي من المخدرات وبعد الانتهاء من أعراض الانسحاب.
حتى ينبغي التأكد أن المريض قد اقتنع فعلا بالأفعال السلوكية الجديدة وانه سوف يقوم بتغيير حياته تغييرا شاملا ،في ضوء ما تعلمه في العلاج المعرفي السلوكي فمثلا إذا كان الفرد يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي فقد نجد من خلال فحص التاريخ المرضي له انه يقوم باللجوء الى المخدرات فهي إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها بث الثقة في داخلهم، والشعور بمزيد من الراحة.
وهنا يكمن دور العلاج المعرفي السلوكي في التعرف على تلك الأسباب التي أدت إلي توتره أو زيادة القلق لدى الفرد والبحث عن بدائل وتركه للمخدرات حتى يمكن تقليصها بشكل طبيعي من خلال بعض الطرق والبدائل الأخرى.
الإرشاد مجموعات الدعم النفسي:
في بعض الحالات التي تمت مواجهتها مع المدمنين تم اكتشاف أن هناك مجموعة من القضايا المعقدة والتي يصعب على الشخص المدمن أن يقوم بالإفصاح عنها. ربما لأن هذه الأسباب قد تكون خفية عنه أو ربما قد تكون يخشى الإفصاح ولا يستطيع التعبير عنها.
أو ربما يكون هناك بعض التطورات التي تمت من خلال الإدمان ونشأة بعض الأمراض النفسية وبعض الاضطرابات العقلية وبالتالي الدخول في دوامة كبيرة من بعض المشكلات. ولذلك فان جلسات الإرشاد ومجموعات الدعم يمكن استخدامهما جنبا الى جنب بجوار البرامج العلاجية.
حتى يمكن مناقشتها ومساعدة المريض على التعامل بفاعلية وأكثر قدرة على التغلب على تلك المشكلات.ويعتمد الإرشاد بشكل عام على التركيز على المشكلات التي واجهها فضلا عن درجات الإدمان التي وصل إليها.
وفي بعض الحالات تكون جلسات الإرشاد هي عبارة عن بعض الكلمات البسيطة و الحوارات النقاشية الخفيفة التي تساعد الفرد على تحقيق نتائج أفضل مع الإدمان كما أن جلسات الإرشاد تكون أكثر فائدة بالنسبة للأفراد الذين يعانون من المشكلات الكبيرة والأكثر تعقيدا ويمكن ان تستخدم جلسات الإرشاد في الغالب إلي الأفراد الذين يعانون من الإدمان لفترات طويلة.
أو هؤلاء الذين يتناولون مجموعة من العقاقير المتعددة أو المخدرات الكثيرة، وبالأخص تشمل هؤلاء الذين يتعاطون عقاقير وحبوب الهلوسة. وترجع فكرة مجموعات الدعم في قدرة الأفراد على مواجهه الصعوبات والمشكلات التي تواجهه ومعرفة التقدم الذي أحرزه خلال فترة العلاج، مما يساعدهم على تحقيق نتائج علاجية كبيرة.
كما انه يقوم بمنح مزيدا من الدعم الوجداني الذين يكونون في احتياج اليه باستمرار كم أن استماع الفرد إلي قصص النجاح الذين قاموا بتحقيقها بعض لبعض في فترات سابقة يساعدهم على زيادة الإلهام وتشجيعهم وأعطاهم مزيد من الدافع و التحمل لدى المدمن.
حتى يمكنه الوصول إلى الشفاء والتعافي في أقرب وقت ممكن. كما أن المشكلات والقضايا التي تواجههم بشكل مستمر أثناء البحث عن المخدرات تساعدهم على الإقلاع عن التعاطي والاستمرار في تلك الأفعال جزء إلى جزء خلال رحلة العلاج.