في البداية يجب أن نتفق على أن الإدمان مرض، يحتاج إلى علاج وأن المدمن مريض في حاجة إلى علاج وفي حاجة الى مساندة حقيقية من كل من يحيط به، ولكن هناك بعض الناس من يعتقد أن الإدمان هو عرض، ولكن إذا كان الإدمان عرض، وتحديدا تعاطي المخدرات، فهو أيضا يحتاج إلى علاج، ولكن أصحاب هذا المعتقد يقولون ان العرض لا يمكن معالجته بشكل تام بل انه من الممكن ان ان يخفف فقط، مثال على ذلك سيلان الأنف، حيث يؤكد الأطباء أنه لا علاج لعرض سيلان الأنف، ولكن هناك ادوية قد تخففها فقد، وفي الواقع، فإن معظم الأطباء يتفقون على أنه لا يوجد علاج حقيقي للبرد ولكن الادوية التي يتعاطاها الناس لعلاج البرد تخفف منه فقد حتى ينتهى تماما. وفي إطار ذلك نتناول في هذا المقال العوامل التي تسبب الإدمان وطرق التغلب عليه وطرق علاج الادمان.
الإدمان دائما له سبب أساسي من الممكن أن نقول أن الإدمان إذا كان عرض أو مرض، فهو فى شتى الأحوال له العديد من الأسباب، ومن أسباب إتجاه المدمن إلى هذا الطريق هى تعرضه لأشياء وظروف حياتية لم يقدر على تحملها، ومن بين هذه الظروف من الممكن أن يكون المدمن قد عانى من فقدان أحد الأحبة أو من الفشل في مرحلة ما من مراحل حياته، ومن الممكن ان يكون الانسان الذي اتجه الى طريق الإدمان قد عانى كثيرا من شيء صعب عليه تحمله.
العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى الإدمان
هناك العديد من الأسباب و العوامل التي تقود الفرد إلى أن ينجرف في تيار المخدرات والإدمان فهناك عدة أسباب تتعلق بالفرد ذاته، و أسباب أخرى تتعلق بالأسرة و الحالة المجتمعية والنفسية التي يعيش فيها الشخص، في العوامل الأسرية تتلخص بما يلي، إن دور الأسرة الإيجابي الذي ينشأ فيه الفرد منذ الصغر، حيث ينشأ في جو من الرعاية و الحماية و التنشئة و الوفاء بالحاجات الأساسية البدنية و الصحية و التربوية و التعليمية و غير ذلك من احتياجات مستجدة لها تأثير كبير في تشكيل اتجاهات الفرد وسلوكه عندما يكبر ويفكر ويكون له فكر وسلوك منفرد، ولذلك فان انحراف هذا الدور الايجابي عن مساره الطبيعي أو المفترض بحيث تسود أجواء التوتر و الاضطراب في الأسرة التي ينشأ بها الفرد فيصبح دور الأسرة سلبيا فيكون الحل أمام الكثير من الأفراد وخاصة المراهقين هو الهروب من هذا الجو الأسري إلى عالم المخدرات والإدمان لما تعطيه من ارتياح للفرد وتشعره بانه في عالم آخر.
لعل جماعة الأصدقاء و الرفاق من أهم الأسباب التي تقود الفرد إلى الإدمان وتعاطي أفراد المجموعة التي يعيش بها الفرد للمخدرات يشكل دافعاً قوياً له للتعاطي فهو يخشى نبذ المجموعة له إذا لم يجاريهم في سلوكهم السيء وتصرفاتهم.
من العوامل التى تؤدى الى الادمان هى الأمراض النفسية وسوء استخدام العقاقير، حيث أن المرضى الذين يعانون اضطراب فرط الحركة، الاكتئاب، القلق، الوسواس القهري، الفصام، أو اضطرابات المزاج يكونون عرضة لخطر استخدام المخدرات للتخلص من هذه الاضطرابات التى قد لا يتحملونها، ومن العوامل التى تقود الى الإدمان ايضا الفضول و حب الاستكشاف و المغامرة ووجود أوقات الفراغ لدى الشخص والبطالة وشعور الفرد بأنه ليس له دور حقيقي في المجتمع.
هل الإدمان يكمن في إدمان المخدرات فقط؟
الاجابة على هذا السؤال، لا، حيث ان هناك العديد من أنواع الإدمان فضلا عن إدمان الكحول أو المخدرات، فهناك إدمان القمار، الإنترنت والإدمان على المواد الإباحية.
إدمان الحب والجنس وحتى تدخين السجائر من الممكن أن يكون إدماناً، وهناك الإدمان على الأغذية والأسترينالين غير المرغوب فيه، وهذه الانواع كلها من الإدمان، تكون بسبب محاولة الإنسان إلى تغطية الألم الذي يشعر به ومحاولة الهروب من عالم الواقع والاندماج بشكل مبالغ به في شيء آخر للهروب به من عالم الواقع إلى عالم آخر وهمي.
كيف تتغلب على الإدمان؟
من أجل التغلب حقا على الإدمان، يجب أن تتعلم مهارات التكيف الجديدة مع الظروف المحيطة بك أيا كانت، وتعد وظيفة التكيف هي شيء أساسي في كل انسان اى انها شيء فطري خلقه الله في الإنسان منذ مولده، وعليك أيضا أن تحدد القضايا الأساسية التي تعيش من أجلها والأهداف التي تريد إنجازها، ولا تتوقف عن التعلم، يجب ان تعيش دائما وانت تتعلم المهارات الحياتية اللازمة والجديدة، ومن أجل تحقيق ذلك، للشخص المدمن، يجب ان يكون مقيم داخل مؤسسة علاجية متخصصة في علاج الإدمان، ويحدد له الأطباء في هذه الحالة برنامج للعلاج وإعادة التأهيل طويل الآجل.
حتى يتم تغيير كل شيء في حياة هذا الفرد وسلوكياته وطبيعته.
حيث توفر مؤسسات علاج الإدمان بيئة مناسبة للعلاج من الإدمان، وتوفر أيضا رعاية شخصية وصحية وبدنية متكاملة للشخص المدمن في رحلة علاجه من الإدمان، ذلك فضلاً عن توافر اعداد كبيرة من الأطباء والمتخصصين والاستشاريين المتخصصين في علاج الإدمان، ويقوم اولئك الخبراء بمساعدة المدمن على الخروج من حفرة الإدمان التى وقع بها وانغمس فيها.
الحصول على السبب الجذري هو من أهم خطوات علاج الادمان
ان الحصول على السبب الجذري الذي اتجه بسببه المدمن الى عالم الإدمان، هي خطوة هامة جدا من خطوات علاج الادمان، لأن معرفة السبب الأساسي الذي ادى الى ذلك والعمل على القضاء على هذا السبب الاساسي او حل هذه المشكلة الاساسية التى أدت إلى لجوء المدمن الى تعاطى المخدرات او الى ادمان اى شيء اخر، هو خطوة أساسية في علاج المدمن.
ومن الجدير بالذكر في هذا الاطار ان طب الإدمان هو مجال معقد وصعب الى حد ما، لأنه يتعلق بالتغيرات الفسيولوجية وكيمياء الدماغ للإنسان المدمن.
حيث أن الإدمان يؤثر على الجهاز العصبي في الإنسان بشكل مباشر ويتسبب في سلك الإنسان طريق غير سليم وغير متوازن. ولذلك فإن طب الإدمان هو طب شامل شتى النواحي النفسية والاجتماعية والعاطفية للفرد، حيث تتضمن البرامج التي تعالج الإدمان والتي يتم تنفيذها داخل مستشفيات ومراكز العلاج من الإدمان حصول المرضى المدمنين على كامل الخدمات وكامل وسائل الرعاية النفسية والبدنية والاجتماعية والعاطفية أيضا، وتضمن أيضا حصول المرضى على التقييمات الطبية والتدخلات التي قد يحتاجونها للحصول على تجربة آمنة ومأمونة لإزالة المواد المخدرة من الجسم بشكل تام، وتتعرض برامج علاج الادمان أيضا لصحة المدمن النفسية، حيث يتوفر في مستشفيات ومراكز علاج الإدمان عدد من الأطباء النفسيين المتخصصين في التعامل مع شخصية المدمن، ويقوم هؤلاء الأطباء بالعمل على تطوير نفسية المدمن ومحاولة جعلها شخصية سويه وقوية لتستطيع العودة وممارسة الحياة الطبيعية من جديد.