هواجس ارتكاب جرائم الاغتصاب لدى البعض قد تنطلق من تأثيرات سيوكولوجية، نتيجة وجود اضطرابات نفسية تسيطر على هؤلاء الأشخاص، وليس بالضرورة أن يكونوا مجرمين بالفطرة، أو حتى بالصدفة، فكيف لا يحدث ذلك، وهناك العديد من أنواع المخدرات والمواد السامة التى تفتك بهم، وبعقولهم، وبصحتهم العامة.
تأثير المخدرات على العقل وأجهزة الجسم
تأثير المخدرات على العقل وأجهزة الجسم بشكل عام “الهضمي/التنفسي/العصبي/التناسلي”، يكون أكبر بكثير مما يظن البعض، فقد يكون طريق التعاطي ممهد فى البداية من باب التجربة أو عندما يطرق باب المناسبات حياة المتعاطي، الذي ينقصه خطوة واحدة نحو الإدمان، فقط عندما يداوم على تعاطي نفس المادة المخدرة سواء الترامادول/الحشيش/الماريجوانا/الاستروكس/الفودو/الشبو/الكريستال ميث/الهيروين/الأفيون/المورفين/الكبتاجون/الكيميكال، أو أي نوع مخدر آخر، وقد يكون وقع فى إدمان الكحول أو الخمور، وتظهر عليه علامات كالتي تشبه تعاطي المخدرات، منها عدم الاستغناء عنها، والانجرار خلف أصدقاء السوء، والعيش خلف الأبواب المشبوهة والمغلقة، والبحث عن مصادر أموال، والإهمال فى المظهر الشخصي، والقصور فى الدراسة أو العمل أو الواجبات الأسرية، إلى جانب العصبية ونقص الوزن والتوتر والاكتئاب، وأحيانًا الأفكار والميول العدوانية التى قد تصل إلى الانتحار، وبين كل هذا قد يعزم المدمن على ارتكاب جريمة دون أن يدري لأنه يقع تحت تأثير المخدرات أو الكحول، ومن بين هذه الجرائم الاغتصاب، والقتل.
إصابة المدمن بالتشخيص المزدوج
إصابة المدمن بالتشخيص المزدوج، أي وقوعه تحت طائلة مرض جسدي (عضوي) وآخر نفسي، هو أخطر أضرار إدمان المخدرات، وتكمن الخطورة الحقيقية فى كيفية علاج مريض التشخيص المزدوج وطريقة التعامل مع المرضين، والأصعب فى الأمر هو عدم معرفة المدمن بأنه مُصابًا بمرض نفسي أو عقلي خطير، قد يصبح مرضًا مزمنًا يصاحبه طيلة عمره، إذا لم يتدارك الأمر مبكرًا ويستشير متخصص فى الطب النفسي وعلاج الادمان.
يقينًا المرض النفسي يؤثر مباشرة على الجهاز العصبي للمدمن، وبالتالي تتأثر خلايا المخ، وتقل الاستجابة لإشاراته، وقد ينتقل لأمراض عقلية كالذهان، ويدخل المريض على شاكلة أمراض الاضطرابات النفسية والعقلية، القلق/الاكتئاب/الضغط الحاد/ الوسواس القهري/الفصام/كرب ما بعد الصدمة/اضطراب ثنائي القطب/الاضطرابات الشخصية، والاضطرابات الجنسية، واضطراب المثلية الجنسية.
بعض أنواع المخدرات قد توهم مدمنيها بأنهم يستطيعون فعل ما يريدون وقتما يحِلُ لهم، خاصة مع تراكم مشكلات شخصية أو أسرية أو اجتماعية، فتسبق كل تصرفاته مبررات ترتبط بمدخل “أن المخدرات متاحة.. ولا أحد رقيب علىّ”، ومع غياب دور الرقابة الأسرية والمدرسية، وصولاً إلى مراحل التعليم الجامعي، وما بعد الجامعي، تصبح المواد المخدرة جزءًا من التركيبة الشخصية للمدمن، ولكن مع وجود المزيد من “الشماعات” لتذليل عقبة المخاطر والأضرار التى ستلحق به صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا وربما ماديًا، وتحت تأثير “مخدرات الشيطان”، قد تهيأ له ارتكاب أبشع الجرائم، ويلقى نفسه خلف أسوار السجون أو ميتًا، فالعزم على ارتكاب جريمة كالاغتصاب تحت تأثير المخدرات أو الكحول هو فعل غير إنساني يستمد قوته من “الوهم”، لأنه حتمًا قد ينتهي به الأمر إلى ارتكاب جريمة أخرى للتخلص من الجريمة الأولى، وهى التخلص من ضحيته بالقتل العمد، وهو ما يعرضه لاحقًا للفضيحة والانكسار والمحاكمة، والأهم خسارته لقب إنسان إلى ذئب بشري أو “حيوان” كما يتردد، إلى جانب الأضرار النفسية والصحية الخطيرة التى تركها فى الضحية حال نجاتها من الموت المحقق.
تعرض الشخص للاغتصاب
الشخص الذي يتعرض للاغتصاب يتعرض لما يسمى “متلازمة صدمة الاغتصاب”، فهو يتعرض لمرحلتين غاية فى الصعوبة والمعاناة، الأولى يعبر عنها بالهستيريا والتهيج، ونوبات الغضب والبكاء، وإنكار الواقعة، وتجاهل الجميع، والهوس، وتبلد المشاعر، والشعور بالتقيؤ والغثيان، والتعامل بحساسية مفرطة تجاه الآخرين، والكبت، والقلق والشعور بالعجز، وهنا قد يكون تعرض لاضطراب كرب ما بعد الصدمة، وبالطبع يحتاج إلى طبيب نفسي متخصص، للتخلص من هذه الأعراض والأضرار التى لحقت به، وغالبًا ما يضع الطبيب المعالج خطة علاجية تنضوي على جلسات استماع، وتهيئة نفسية، إلى جانب إعادة التأهيل النفسي السلوكي، لأن المريض قد تعرض لصدمات نفسية قوية لم يستطع العقل التعامل معها أو معالجتها، وقد يستخدم EMDR أو الاستثارة الثنائية لحركة العين، إلى جانب العلاج الجسدي للأضرار التى لحقت بالمريض.