الاكتئاب والمخدرات وجهان لعملة واحدة وغالبا ما يؤدي أحدهما إلى الآخر ما لم يتم الوصول الى المساعدة في اقرب وقت حين استشعار الخطر.
عادة ما يحدث الاكتئاب نتيجة انخفاض مستوى الناقلات العصبية والتي عبارة عن مواد كيميائية بـ المخ مثل السيروتونين والنورادرينالين التي تعمل على تحقيق الاتصال بين الخلايا العصبية، ولعل أهم العوامل المسببة لهذا الخلل هو تعاطي المخدرات.
الاكتئاب أم المخدرات أيهما أولا؟
لا نستطيع الجزم أي منهما تكون هي نقطة البداية ولكن دعونا نقول انهم يوصلان لبعضهما بشكل أو بآخر، فعلاجات الاكتئاب إذا ما تم تناولها بعيدا عن الإشراف الطبي ولفترات غير محسوبة تتحول إلى إدمان.
كذلك تعاطي المخدرات أحد أهم أسباب الإصابة بالكثير من الأمراض النفسية والتي على رأسها الإكتئاب.
هل المخدرات تزيد من فرص الإصابة بالمرض النفسي ؟
بالطبع؛ وهذا ما أشارت إليه إحدى الدراسات الطبية الحديثة عن مخاطر الإدمان وارتباطها بالكثير من الأمراض النفسية، حيث أكدت على أن حوالي 17 % من عينة الدراسة كانوا من مدمني الكحوليات وأصيبوا ببعض الاضطرابات النفسية والعقلية، كما أن نسبة 65 % من المصابين بهذه الأمراض كانوا ممن يتعاطون نبات القنب بصوره المختلفة مثل الحشيش، بالإضافة إلى 7% من المصابين كانوا من المتعاطين عقاقير مخدرة كالترامادول. وهذا ما يؤكد على أن نوع المادة المخدرة يؤثر في معدل الإصابة بالمرض النفسي.
هل هناك أنواع معينة من المخدرات تزيد من خطر الإصابة بالإكتئاب ؟
أكدت الدراسات أن أمراض الانفصام والاكتئاب من أكثر الأمراض التي ارتبطت بادمان بعض المواد المخدرة بعينها كالحشيش والكوكايين والهيروين، بالإضافة إلى عقار الامفيتامين، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالهلاوس السمعية والبصرية وايذاء النفس ومحاولة الانتحار في بعض الأحيان، حيث أن نسبة الوفيات بين مدمني الهيروين تفوق 13 ضعف بالمقارنة بين نسب الوفاة الطبيعية.
من الطرق السريعة التي تستطيع أن تسلكها إذا كنت أحد مرضى الإكتئاب او مدمني المخدرات بكل أنواعها أو حتى من مدمني الأدوية والوصفات الطبية مثل :
- زيارة الطبيب النفسي أو اختصاصي الصحة النفسية والعلاج السلوكي والتحدث معه عن مشكلتك الحالية فهو قادر على مساعدتك وتوجيهك الإتجاه الصحيح.
- الوصول إلى أقرب مستشفى في حالة الطوارئ لإتخاذ اللازم، فهم في أغلب الأحيان على معرفة ودراية بـ أطباء الصحة النفسية في محيطك ويستطيعون تقديم المساعدة الفورية.
- الانضمام لإحدى المجموعات التي تقدم الدعم في حالات الإدمان والاكتئاب وتساعد في الوصول لأفضل الاختصاصيين في هذا المجال.
- طلب المساعدة والدعم من دائرة الأصدقاء الموثوق بهم والذين يستطيعون توجيهك في الإتجاه الصحيح ولا يخبرون الأخرين عما تعانيه.
- دائما ما يكون على شبكة الانترنت ارقام مستشفيات ومراكز الصحة النفسية التي تقوم بعلاج الاكتئاب والإدمان والخطوط الساخنة أيضا لبعض المستشفيات الحكومية التي يتوفر فيها هذا النوع من العلاجات بسرية تامة بنسب نجاح عالية.
حقيقة ومع التطور العلمي الكبير الذي نشهده خلال هذه الفترة، لم يعد الاكتئاب من الأمراض الخطيرة التي يصعب علاجها، ولا حتى الإدمان بل على العكس تماماً، فالآن يمكنك السيطرة على حالات الاكتئاب بل والشفاء منها بنسب تتراوح بين
85% الى 90% بواسطة الأدوية، ولكن لابد أن يتم ذلك تحت اشراف طبي كامل لتجنب الوقوع في خطر إدمان هذه المواد وجدير بالذكر أن هذه الأدوية لن يظهر مفعولها قبل اسبوعين أو ثلاثة أسابيع من تناولها، ويتم تحديدها وفقاً للخطة العلاجية التي يضعها الطبيب المعالج.
أما عن الإدمان فقد أصبح علاجه أكثر فاعلية من ذي قبل عن طريق العلاجات الدوائية، والعلاج السلوكي والنفسي معه للوصول لأفضل النتائج وتجنيب المرضي الأخطار الناتجة عنه قدر الإمكان والوصول بهم لبر الأمان.
لعل الأهم من كل مما سبق وما نود دائما التأكيد عليه هو الدعم الذي تتطلبه هذه الحالات من قبل الأهل ودائرة الثقة حولهم مما يجعلهم اكثر قوة وتقبلا للعلاج ويجنبهم الكثير من المشكلات المستقبلية مثل الانتكاس مرة أخرى والوقوع فريسة لهذه الأمراض من جديد